بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، وبعد ،،،فقد أعلن القائمون على مسجد العزيز بالله - جعله الله ذخرا للإسلام والمسلمين ، وأعان القائمين عليه في الدعوة إلى الله عز وجل - عن مسابقة لتفريغ أشرطة المؤتمر الإسلامي المنعقد في هذا المسجد المبارك ، وقد وجد هذا الإعلان صدى البشر والغبطة عند كاتب هذه السطور ، فقمت بهذا العمل ، ألا وهو تفريغ الأشرطة ، وبذلت وسعي في تحسينها والعناية بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وضبطها ، ولصعوبة مقام الخطابة فقد كانت هناك بعض الهنات اليسيرة من ناحية اللغة ، فقمت بتصحيح ما أمكن من ذلك ، سائلا المولى عز وجل أن يجعله في ميزان حسناتي يوم القيامة ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل كتبه
وائل بن سميح العوضي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى من تبع هداه بإحسان إلى يوم الدين ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } ، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَنْ يُطِعِ اللهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } ، وبعد فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، ثم أما بعد .اليوم هو الثلاثاء الموافق الثامن عشر من شهر أغسطس لسنة ثمان وتسعين وتسعمائة وألف من الميلاد ، الذي وافق الخامس والعشرين من ربيع الآخِر لسنة ألف وأربعمائة وثماني عشر من الهجرة ، واليوم محاضرة فيما يسمونه بالأسبوع الثقافي أو المؤتمر الثقافي ، والحقيقة أني أحاول دائما في مثل هذه المناسبات أن نستغل اجتماع الناس ، ونجعل من هذا اللقاء فرصة لعرض بعض القضايا التي تُهِمُّ عموم المسلمين على الخصوص ، وذلك أنني بحول الله عز وجل وقوته ومَنِّهِ وفضله أحاول على مدار أيام العام أن أجعل من المحاضرات والدروس التي قد يكون فيها فائدة لبعض خواص المسلمين ، فضلا عن عمومهم ، إلا أن مثل هذه اللقاءات ينبغي أن يكون المقصود الأول من حيث إرادة نفعهم ، ومن حيث إرادة تبسيط العلوم الشرعية والمسائل الشرعية لهم ، خاصة القضايا العقدية التي لا يصح الدين إلا بها ، فضلا عما يكمل الدين ، أو التي لا يكمل الدين إلا بها ، فضلا عما يصح الدين إلا بها ، ينبغي أن يكون المقصود في مثل هذه اللقاءات هم عموم المسلمين ؛ لأن الله عز وجل ما أرسل الرسل وأنزل الكتب إلا رحمة للعالمين كما قال تعالى : { ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } ، فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أسباب هذه الرحمة ، وأن يمن الله علينا أن نكون من أسباب الخير ، ومن دعاة الهدى ، ونعوذ بالله جل وعلا أن نكون من دعاة الضلال ، ونسأله سبحانه وتعالى في بداية هذا اللقاء أن يوفقنا لما يحب ويرضى ، وأن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم ، وألا يجعل لأحد فيه شيئا ، وأن يجعل سعينا وإياكم في مرضاته جل وعلا ، فأقول وبالله التوفيق :قد جعل الله سبحانه وتعالى بدء الإيمان شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويمكن فاتني أن أقول أن محاضرتنا اليوم بعنوان (أفعال تخالف العقيدة)، وعلى سبيل المقدمة أقول : قد جعل الله بدء الإيمان شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة عشر سنين أو بضع عشرة سنة يدعو إلى هذه الشهادة خاصة ، وليس الإيمان المفترض على العباد يومئذ سوى هذه الكلمة ، فمن أجاب إليها كان مؤمنا لا يلزمه اسم في الدين غيره ، وليس يجب عليهم زكاة ولا صيام ولا غير ذلك من شرائع الدين ، وإنما كان هذا التخفيف - يعني جعل الإيمان مجرد كلمة - قبل أن تنزل الشرائع ، ونزلت الشرائع تنجيما مفرقة كان ذلك تخفيفا من الله سبحانه وتعالى كما ذلك العلماء أنه رحمة من الله لعباده ورفق بهم ، لأنهم كانوا حديثي عهد بجاهلية وجفائها ، ولو حملهم الفرائض كلها معا، نفرت منه قلوبهم ، وثقلت على أبدانهم ، فجعل هذا الإقرار والقيام على مقتضى الشهادتين بالألسن وحدها ، فضلا عما يقر في القلوب ، هو الإيمان المفترض على الناس يومئذ ، فكانوا على ذلك إقامتهم بمكة كلها ، وبضعة عشر شهرا بالمدينة وبعد الهجرة ، فلما ثاب الناس إلى الإسلام ، وحسنت فيه رغبتهم ، زادهم الله في إيمانهم أن صرف الصلاة إلى الكعبة بعد أن كانت إلى بيت المقدس ، فقال تعالى : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } ، خاطبهم وهم بالمدينة باسم الإيمان الذي ثبت لهم مقدما في كل ما أمرهم به أو نهاهم عنه ، فقال في الأمر : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ } ، وقال في النهي : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً } ، وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وأَنتُمْ حُرُمٌ} ، فناداهم باسم الإيمان في الأمر ، وناداهم باسم الإيمان في النهي ، وعلى هذا جرت كل مخاطبة كانت لهم فيها أمر أو نهي بعد الهجرة ، وإنما سماهم الله جل وعلا بهذا الاسم ، أي بمجرد الإقرار وحده ، أي بمجرد الشهادتين ، إذ لم يكن هناك فرض غيره ، فلما نزلت الشرائع بعد هذا ، ووجبت عليهم وجوب الأول سواء لا فرق بينهما ، أو لا فرق بين الشرائع عموما ؛ لأنها جميعا من عند الله وبأمره وإيجابه ، فلو أنهم عند تحويل القبلة إلى الكعبة أبوا أن يصلوا إليها ، وتمسكوا بذلك الإيمان الذي لزمهم اسمُه من قبل والقبلة التي كانوا عليها ، لم يكن ذلك مغنيا عنهم شيئا ، وكان فيه نقض لإقرارهم ؛ لأن الطاعة الأولى في الإقرار والشهادتين ليست بأحق باسم الإيمان من الطاعة الثانية ، والثالثة ، وغيرها ، فلما أجابوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كإجابتهم إلى الإقرار صار جميعا معا يومئذ إيمان : الصلاة ، والصيام ، الصلاة ، والزكاة ، صارا جميعا : الصلاة والزكاة ، صارا جميعا من